2005-12-22

ديمقراطية الُبومْرانغ

يسْعَى جُحَا.كُمْ في أنْ يكونَ محايداً (وهذا أمرٌ صعب) في تعامُلِه مع مُجْرَياتِ أحْداثِ الساحة العربية. ولأنَّ جُحَا.كُمْ تَكْفِيهِ صِفَةَ كوْنِهِ عربياً ساخراً ومُحِبًّا للعدْل والحرية، فلا تتعجَّل عَزِيزي الزَّائر في الحُكْم علَى جُحَا.كُمْ مِنْ كوْنِه مِن هَذِه العقِيدة أوْ تِلْك أوْ مِن هذا التَّيار أو ذاك.. الشَّيْء الأكيد هُو أنَّ جُحَا.كُمْ يسْعَى لِكَشْفِ المَستور ومُناصرة المقهور.. ومِن هذا المُنطلق يتساءلُ جُحَا.كُمْ عن هذه اللُّعْبة السِّحرية التي اسمُها انتخابات، والتي يُراد مِنها تَثْبيتُ شيْءٍ آخر اسمُهُ ديمقراطية، تبيَّن أنَّها كلمةُ حقٍّ يُراد منها باطل.
طبْعاً لا أحدَ من العَرَب يتقبَّل موْقفَ إسرائيل من مُشاركة حماس في الانتخابات التشريعية القادمة، بدعْوَى أنَّها فَصِيل مُسلَّح وإرهابي، وفي الواقع، ليسَ لأنّها كذلك وإنما لأنَّ عقيدةَ حماس الإسلامية ترفُضُ أصْلاً وجودَ الكيانِ الصهيوني.. وعندماَ أقولُ لا أحدَ من العرب فإني في الواقع أبُالغ، لأنَّ هناك من العرب مَن يتفهَّم هذا الموقف، وهؤلاء هم ذوُو السُّلطة في هذا البلد العربي أو ذاك، والدليل ما جرى مثلاً في الجزائر أواخرَ الثمانينات حين بدأ التعاملُ مع جبهة الإنقاذ الإسلامية بنفس المُنطلَق "الديمقراطي" وهو بإلغاء الانتخابات التشريعية بعد أن اكتسحت الجبهةُ الإسلامية الساحةَ السياسية. وتكرَّر ذلك بطُرقٍ مُختلفة في بلدانٍ أُخرى، كتُونس مثلاً التي ومنذُ انتخابات 1981 التي يُسمِّيها التونسيون "انتخابات الحِنَّة" (بسببِ تغيُّرِ لون أوراق الصناديق من الأخضر –لون فصيل معارض- إلى الأحمر لون الحزب الحاكم) أو ما حدَث في مصر مؤخّراً حيث كادتْ أنْ تتحوَّلَ الانتخابات إلى حربٍ أهلية.. وُصولاً إلى العراق الذي تَعِبَ البيتُ الأبيض في أنْ يجِدَ حزباً عِلْمانياً (غيْرَ ديني) بإمكانهِ اكتسابُ أكثريةِ الأصوات.. والقضية مازالت عالقة..
إذن، يستنتجُ جُحَا.كُمْ أنّ الديمقراطية سلاحٌ ذو حدَّينِْ، فهْي مِن ناحية تُطيحُ بدكتاتورية الأقلية لكي تُقيم حُكْمَ الأكثرية، لكن في الوقتِ نفسهِ تُعَرِّي مَنْ، باسمِ الديمقراطية، يستنكرُ حُكْم الأكثرية حِين يَرَى أنَّها ضِدّ مصالحِهِ.
هُناك لُعْبة في الغرْب اسمُها بومرانغ، Boomerang وهْي عبارة عن خَشَبة خفيفة في شكل مِسْطَرَة صغيرة بِضِلْعَيْنِ، يُلقِْيها الشَّخص في الفضاء بطريقةٍ تَجْعَلُها تطير بعيداً لكيْ تعودَ إلى صاحِبها، وفي ذلك مُخاطَرَة بأنْ تَرْتَدَّ وتَصْدُمَ وَجْهَ رَامِيهَا، وعَليْهِ أنْ يَتلَقَّفَهَا بِيَدِهِ. أليْست دعوةُ بوش لِنْشر الديمقراطية في المنطقة هي بومرانغ أكثرَ خُطورة من صفعة 11 سبتمبر/أيلول؟
مَنْ يرى غيرَ ذلك سيكونُ جُحَا.كُمْ مُرَحِّباً بِرَأْيِهِ بِكُلِّ ديمقراطية غير "بومرانغية"..
إلى اللقاء

ليست هناك تعليقات: