2006-03-29

الخرطوم بين الشمس والطباشير

تداخلت الأحداث هذا اليوم إلى الحدّ الذي اختار جُحَا.كُمْْ أن يقرأها على طريقته: فَمِن انتصار كاديما (وتعني بالعبرية قُدُماٌ) يقول جُحَا.كُمْْ "قديمة يا أولمرت وآت بغيرها"، إلى تزكية حكومة حماس التي يقرأ جُحَا.كُمْْ ربطة العنق الجديدة لرئيسها الجديد وكأنها ابتعاد عن عقلية أحمدي نجاد أو أيمن الظواهري أو القذافي. أمّا الحداثان الآخران اللذان خصص لهما جُحَا.كُمْْ تعليقين في هذه التدوينة فهما عن اللاءات والكسوف..

لاءات البشير كالطباشير
شاء حاكم الخرطوم أن تكتسبَ القمة العرجاء المنتهية اليوم، صبغةٌ تاريخيةٌ كالتي اكتسبتها قمة الخرطوم الأولى قبل نحو أربعين سنة، ومقابل اللاءات الثلاثة الشهيرة في القمة الأولى (لا للصلح، لا للتفاوض، لا للاعتراف) أراد البشير صياغة لاءات ثلاثة جديدة جاءت كالتالي "لا لإنكار كائن من كان للخيار الديمقراطي لأهل فلسطين، لا لمعاقبة الشعب الفلسطيني على ممارسة حقه في اختيار من يحكم، لا للرضوخ أو الإستكانة لعبث إسرائيل بعهد قطعته أمام العالم"...
الواضح وضوح الشمس غير المكسوفة، هو أن الفرق بين اللاءات الثلاثة قبل أربعين عاما وبين اللاءات الجديدة هو الطابع المبدئي والإجرائي في آن الذي تتسم به اللاءات الأولى، بينما تقف لاءات البشير عند حدود الاستنكار والاحتجاج. اللاءات الأولى لها مفعول رد الفعل، والثانية، هي ردٌّ بالانفعال. تأثير اللاءات الأولى مباشر، والثانية لا تأثير لها بما في ذلك اللاّ الثالثة حول عدم الرضوخ لعبث إسرائيل الذي استفحل فينا كالمرض العضال.. اللاءات الأولى بقيت راسخة كالتعاليم ودالة على آخر تعبير عربي رافض وشجاع، سقط العرب بعدها في نعومة النَّعَمَات المُذِلّة، أمّا اللاءات الجديدة جاءت باكية، نائحة، ومسالمة وذات تأثير سريع الزوال كالكتابة بالطبشور الأبيض على لوح أسود..

من كسوف القمة إلى كسوف الشمس
ما كادت قمة الخرطوم تنهي أعمالها الفلكلورية التي تترجم جيدا كسوف العرب تاريخيا، حتى استعد العالم للتعامل مع كسوف من نوع آخر وهو كسوف الشمس الذي يعتبره جُحَا.كُمْْ من بين الأسباب التي قد تكون منعت حاكما عربيا عن حضور القمة ودفعت بآخر إلى التعجيل في العودة إلى بلده.. الحاكم الأول هو الرئيس المصري الذي قالت الأخبار أنه رافق بعض علماء الفلك في متابعة كسوف الشمس في منطقة السلوم.. وقد يفاجئنا بعد ذلك بعِبرة مفادها أنّه باعتباره كاله الشمس راع، فإن أي كوكب صغير مظلم مثل القمر، لا يصمد أكثر من أربع دقائق أمام الشمس حتى ولو كان هذا الكوكب أيمن نور..
وفي الوقت الذي قرر فيه البلاط السعودي الذي تعامل مع كسوف الشمس بالصلوات، ألاَّ يحتضن كسوف العرب المتجدد في القمة القادمة، حضر الحاكم الليبي جلسات قمة الخرطوم بنظّارات داكنة، ربما لبسها العقيد لمتابعة كسوف القمة..
ومع ذلك تخلى عن رغبته في تنشيط جلسات القمة بخطبة ترفيهية وعاد مسرعا لمتابعة كسوف الشمس الليبية تخوفا ربما من انقلاب في جنح الظلام الطارئ..
جُحَا.كُمْْ

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

لك جزيل الشكر..
مدونة متميزة بالفعل، ورائع هو تشخيصك لأفكارهم "أمراضهم" المستعصية..