2007-04-21

رسالة مفتوحة إلى الرئيس الموريتاني


أولا، أتقدم إليكم نيابة عن ملايين العرب المقهورين وأيضاً نيابة عن القادة العرب الذين خجلوا من القدوم إليكم يوم تنصيبكم كأول رئيس منتخب بشكل ديمقراطي، بأحر التهاني والتمنيات على هذا التشريف الحقيقي من طرف شعبكم الموريتاني الأغر والأنضج بين شعوب المنطقة والذي لم يكن يتم لولا حصافة مَنْ أوفى بوعدِهِ التاريخي ألا وهو العقيد محمد ولد فال الذي أغتنم هذه الفرصة لكي أُهنّئه على هذه السابقة التي أخرج بها نفسه من باب السلطة مُكَرّما لكي يدخلَ بوابة التاريخ مُبَجّلا.
ثانيا وكي تكتمل هذه التجربة الديمقراطية الرائعة ولكي تدخلون أنتم أيضاً التاريخ المعاصر من بابه الأوسع، فإني كعربي يهتم بمصير القضية العربية المركزية وبعلاقات العرب بها، فإني أتوجه إليكم راجيا من سيادتكم المستمدة من سيادة الشعب ما يلي:
بما أن قرار إقامة علاقات تطبيع مع إسرائيل قد تمت تحت ولاية الرئيس الأسبق المخلوع ولد الطايع (لأعدائنا) ودون استشارة الشعب الموريتاني حولها (ويُقال والله أعلم أن من بين أهداف هذا التطبيع استفادة نظام الطايع من صفقة تجارية غريبة وهي أموال طائلة تجنيها حكومته مقابل دفن نفايات نووية إسرائيلية في الصحراء الموريتانية) فإني باسمي الشخصي وباسم انتفاضة الأقصى وباسم كل عربي ومسلم حمل على ظهره عبء هذه القضية على مدى نصف قرن، فإني أطلب منكم ليس قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني فوراً ودون إبطاء، مع العلم أنّكم سُرْعان ما اخترتم رئيساً لأوّل وزارة لكم شخصاً استمات في الدفاع عن التطبيع مع إسرائيل أيام حملته في الجولة الأولى، وإنما أن تُمكّنوا شعبكم الذي اختاركم أن يقول كلمته في هذا الخصوص، أي بتعبير آخر أن تنظموا استفتاء شعبيا تسألون فيه الموريتانيين إن همْ مع التطبيع أو ضدّه، وأن تسلم نتائج هذا الاستفتاء من أي تلاعب مثلما سلمت نتائج انتخابات الرئاسة التي جاءت بكم إلى قمة السلطة.
أخيرا تقبلوا سيادة الرئيس ولد الشيخ عبد الله تمنياتي لكم بالتوفيق في مسعاكم الذي آمل أن يجعلَ من موريتانيا الاستثناءَ الجميل للقاعدة (أو بالأحرى للراقدة) العربية.
والسلام
جُحَا.كُمْ

هناك تعليق واحد:

Prometheus يقول...

احسنت يا عزيزي.‏‎
ما حدث في موريتانيا‎ ‎نقطة تحوّل كبيرة في تاريخ المنطقة ولا شك. وبعدما حدث هناك، يحق لعلي ولد محمد‎ ‎‏الفال ان ُيكتب اسمه بأحرف من ذهب لأنه اختار أن يشذ بنفسه عن تراث المنطقة المليء‎ ‎بالطغيان والاستبداد ‏‏وان يؤسس لحقبة تاريخية جديدة في بلده أساسها احترام حقوق‎ ‎الإنسان وترسيخ مفاهيم الديمقراطية وتداول ‏‏السلطة بعيدا عن ظاهرة الانقلابات‎ ‎الكرتونية التي طبعت الحياة السياسية في موريتانيا طوال ثلاثين عاما.‏‎
المشهد‎ ‎الأكثر طرافة في الانتخابات الموريتانية كان حضور الجامعة العربية كمراقب‎ ‎للانتخابات! أما ردود ‏‏الفعل العربية الرسمية فلم تكن مستغربة فالجميع خائف من‎ ‎انتشار هذه "العدوى الكريهة" في بلدانهم كما ‏قال ‏سياسي موريتاني تعليقا على انعدام‎ ‎التمثيل العربي في مراسم الاستلام والتسليم التي تلت الانتخابات.‏‎
الظاهرة‎ ‎الثانية هي تجاهل‎ ‎وسائل الإعلام ‏الأمريكية لما حدث في موريتانيا بشكل واضح لأنه يتناقض مع نهج‎ ‎الإدارة الأمريكية التي تقول بان الطريقة ‏الوحيدة لنشر الديمقراطية في المنطقة لا‎ ‎تتم إلا من خلال الغزو ‏وإطاحة الحكومات بالقوة. وهو "المنطق" الذي ‏جاءت انتخابات‎ ‎موريتانيا لتدحضه وتفنده.‏‎
الأمر الذي يستحق التوقف عنده وتأمله طويلا هو كيف أن‎ ‎التاريخ في فترات معينة من حياة الشعوب يمكن ‏أن ‏يجود بأشخاص عظماء يملكون من‎ ‎العزيمة والتضحية وإنكار الذات ما يؤهلهم لان يصنعوا لشعوبهم ‏مستقبلا ‏جديدا مليئا‎ ‎بالتطلعات والآمال والأحلام الكبيرة. ‏
مع خالص المودة.