2006-03-22

الكِـــلاب


قليلة هي القصائد المعاصرة التي تُحرّك السواكن العربية الهامدة، ومنها هذا القصيد الذي احتفظ به جُحَا.كُمْْ لليوم الأسود، وأيامنا كلها سوداء والحمد لله الذي أكرمنا بما نستحقه من هوان محلي وإهانات دولية متتالية.. القصيد الذي يقترحه جُحَا.كُمْْ هو لشاعر مصري اسمه محمود قرني نشره بتاريخ 2003/05/01 تحت عناون:
الكِـــلاب
و لا تترددوا في قراءته فهو قصيد أسيد، أي حارق وخارق للذوق السائد غير السليم..
جُحَا.كُمْْ
----
أسباب مجهولة
هي التي دفعتني إلى ذلك
ليس هو الجسد المتهاوي محتبسا في صوتِه
وليست المحبة عندما تتكلمُ بأصوات غليظة
ولا هي الحبوبُ السوداء التي وشمت
طفولتي الضائعة.
إنها بحيرة من الصراخ والعويل
ربما لذلك حاولت أن أعوي
فوق رأس مدينتي
تماما ككلام ألن غينسبرغ
أو كأسماك أسطورية في منارات
سان جون بيرس
وأحيانا في خيمة أبي نواس
لكنني فشلت في كل مرة
ليس لأن خيط المحبة الأبيض
الذي يربط بيننا
قد انقطع إلى الأبد
ولكن لأنني اكتشفت أنهم
ـ أصدقائي هؤلاء ـ
كانوا يحاولون صنع مدينة معزولة
كخيط من حرير
مدينة ملفوفة كامرأة شهوانية
باختصار
كانوا يحاولون صناعة عالم بحجم آثامهم
هؤلاء الذين صارعوا من أجل أشياء
يرون أنها عظيمة
يبدون الآن كحمقي
فهذا الرجل الذي شتم أمريكا بأمها
ربطوا لسانه في كرسي المقهى
وما زال يحلم بأن يُربي العالم على هواه
كذلك أنا
أدرك تماما أن هذا الوقت
هو الأنسب لركل الماضي
لكن المشكلة أنني كثيرا
ما يخالجني شعور بأنه عريق
هذا ما يشعرني أنني آت بالضبط
من ضلع هذا الماضي
من الشق الذي غرسته جدتي في قلبي
هذا الشق الذي كانت تسرق منه الجنية
قروش العجوز الفقيرة
التي احتالت هي الأخرى
بوضع زجاجة حامية بدلا من قروشها
لشد ما احتاج الآن إلى مثل هذه الزجاجة
وسوف أصنعها خِلسة في كل الشقوق
التي أعرفها
يا لسذاجتي

أتكلم عن زجاجة في شق
والعالم يدير حروباً عاتية من غرف النوم
أن أصدقائي من الذكاء بدرجة تسمح لهم
بفضحي على أوسع نطاق
لمجرد التفكير في ذلك
عليَّ إذن أن أتخير أصدقائي
فقد بلغت من العمر شأواً
يسمحُ لي بذلك
---
حاولت أن أعوي فوق رأس مدينتي
واشتمها أيضاً بأمها
وأقول لها بملءِ شدقي
هذه الكلمة غير المؤدبة
لكنني سأتكلم إليها كرجل طيب
مثلما تكلم زنجي من هارلم*
مسح حذاء واشنطن
وقال لها في توسل
أنا الأخ الأدكن
يرسلونني لآكل في المطبخ
حين تأتي الرفقة
مالي أنا والمدينة
لكل شؤونه التي يصرفها كما يشاء
فلا هي أختي حتّى أخجل من بيوتات
دعارتها
ولا هي أبي حتّى اخجل
من لصوصيته أو شذوذه
عليّ إلا أكون غينسبرغ على أي نحو
فليذهب إلى الجحيم بكلابه
هذا الذي حاول مرة أن يؤدب أمريكا
وان يؤذي مشاعرها
حتى يجعلها مدينة بحجم آثامه
عليّ ـ إذا كنت جادا ـ
أن ادلق جردلا من السبرتو،
علي مدن هؤلاء الحمقى،
وبعود ثقاب يمكنني إنهاء المسألة.
ليس ثمة مشكلة على الإطلاق
فقط يبدو الأمر معقدا لأمثالي
ممن يغرقون في شبر من المياه
ليس لأنهم منحدرون ـ فقط ـ من أصول غير مشرفة
ولكن لأنهم لم يذرفوا دمعة واحدة
من أجل هذه الناطحات.
العالم جميل هكذا
عار تماما
يبصق على ماضيه
وهو يأكل الهامبورغر
نعم
هذا الماضي الذي أوقف حياتي على العويل
جدير باللعنة
وها هو يلقي مصيره
ويبدو كفعل فاضح في الطريق العام
يا للمهزلة التي نامت تحت مخدتي
أربعين عاما
سأكون من الآن فصاعدا
ضد نفسي
لن آكل خبز أمي
ولن أتحدث في أشياء ملغزة
ولن أفكر مرة واحدة في العواء
ليس لأن المدينة التي ابكيها
تخلت عن قبحها
ولكن لأنها باتت لا تعنيني
وسوف أستطيع تقديم مبررات مقبولة
لزوجتي وأولادي
وأصدقائي القليلين جدا
حول التغيير
الذي سيحدث في حياتي
وثمة احتمال وارد
ألا يسألونني أصلا عن أي شيء
من هذا القبيل
لأنني أيضا
قد لا أعنيهم.
---------
* هو الشاعر الأمريكي لانغستون هيوز والجملة التي تلي الإشارة من قصيدة له بنفس العنوان ترجمة الشاعر الفلسطيني سامر أبو هواش (الشاعر)

ليست هناك تعليقات: