2006-06-11

عفْوًا هُدَى


عفْوًا إن شعرتِ أنّكِ وحيدة في نحيبِك أمامَ أبيكِ المُسَجّى بارداً في شاطىء غَزّاوي مُباح على إِثر صَلْية نارية حاقدة، فأنتِ فِعْلا وحيدة ونحن المنشغلون والمنشغلات بمآرب أخرى بدءا بستار أكاديمي وصولا إلى المونديال ومرورا ببطولات عربية أخرى متفرقة، رأيناكِ ذاتَ خَبَر عاجل بين برنامجين ترفيهيين، تنوحين صارخة، مُرتعبة ومُنتحبة.. عفْوًا إن لمْ نَعِرْ ما أصابك ما يكفي من اهتمام فننزل مثلا إلى شارعنا العربي متظاهرين ببعض الغضب والاستياء والتعاطف، وذلك أضعف الإيمان. (أهالي "دارفور" وحدهم من بين كافة عُرْبان هذه الأمّة-الغُمّة، الذين نزلوا متظاهرين احتجاجا على ما حدث لكِ، غريب والله) في الواقع، الوقت كان ضيقا، وافتتاح المونديال كان على وشك البدء وكُنّا متهيّئين أشد التهيئ لمتابعته بكامل الاهتمام نظرا لكونه الحدث المصيري الذي سيُحدّد بعد نحو شهر مَنْ سيكون البطل العالمي في هذه اللعبة "المِهَبِّبة" (آسف) التي ابتُلينا بها، فعلا فنحن نستعد بكل قوانا لكي نحضر مباراة المونديال النهائية التي ستدور بين الفريق السعودي والفريق التونسي ولا يهم من سيفوز منهما بكأس العالم، ما دام الكأس ستكون عربية، إن شاء الله، وسنشرب منها حتى ننسى كل مآسينا، على فكرة "ما تيجي تحضريها معانا" ربما تنسيك هذا المُصاب الجَلَل الذي أفقدكِ أهلكِ جميعا دُفعة واحدة وفي غفلة من جهاز الأمن الوقائي. صحيح كان هناك مَن باستطاعته درْء البلاوي العِبْرية عنك وعن أهلك، لكن للأسف تم اغتيالُهُ بصاروخ قبل يوم واحد من قصف عائلتك على بكرة أبيها، أقصد أباك الذي رأيناه وقد استراح من دوشة الحوار الوطني والاستفتاء الذي نسفته المدفعية عبْر نسْف عائلة مُدجّجة بكل أدوات الشاطىء وأحلام إشقّائكِ الصِّغار..
عفْوًا هُدَى، سنلتقي إن أردتِ بعد شهر، سنكونُ إمّا في مظاهرة كُروية أو ربّما في شاطىء آمن من شواطىء العرب المُخصصة للسواح الآمنين بفضْل قوات أمننا الوطنية جدّا.
الإمضاء
زملائك الفتيان العرب وزميلاتك الفتيات العربيات









جُحَا.كُمْْ

هناك 7 تعليقات:

غير معرف يقول...

ألاحظ دوما الأطباء عندما يجدون "خراج" ما أو جرح متقيأ في جسد مريض فإنهم يضغطون بشدة حتى ينظفوه جسد المريض من الجرح
وأنت يا صديقي تضغط على نفسك وعلينا بشدة تريد أن تنظفه ونحن أيضاً ولن أقول لك أننا سئمنا الكلام ولكن سأقول لك لنزيد الضغط سوياً فلنموت من كثرة الضغط أفضل من أن نموت من "الخراج" نفسه

غير معرف يقول...

لك الله يا هدى ..ويلهمك الصبر على فقدان أهلك ..وعلى إنشغال المسلمين بكل ما هو أهم من حياتنا وحرية أوطاننا
!!

layal يقول...

بكل بوست جديد انت تحمل معنى هذه المدونه
جحا المضحك المبكي

اخي جحا اترك العرب يفرحون بالمونديال والصيف قادم بما يحمل معه من سفر وترويح

لا حياة لمن تنادي

نعاتب نفسنا للحظات ونبكي للحظات
ونعاود السبات العميق

تحياتي

جُحَا.كُمْ يقول...

إلى الحائر
فعلا إنه ضغط و يا له من ضغط.
"شد حيلك" معي فقط.
مع التحية
جُحَا.كُمْْ
-------

إلى كريم
أضم صوتي إلى صوتك
كما أشكرك على زيارتك
جُحَا.كُمْْ
-------

إلى ليال
أليس المضحك المبكي هو السمة السائدة في حياتنا اليوم؟ تعليقك يقول ذلك أيضا..
مع تحياتي
جُحَا.كُمْْ

Bella يقول...

لماذا ياأخي تريد ان تقض مضاجعهم ؟؟

دعهم امام التلفاز يتابعون المباريات ويتسلون بالفيشار والمرطبات
الا يكفيهم ان صراخ هدى ازعجهم ولو للحظات عندما ظهرت عليهم فجأة وبددت هدوء حياتهم الآمنة الوادعة بالصراخ والنحيب.

وتأتي انت لتربك حياتهم

الذين لم يرف لهم جفن طوال هذه السنين هل يحركهم صراخ هدى او حتى ألف هدى !!!!!

الذيت تحجرت قلوبهم وسلموا العراق للامريكان هل تحركهم لوعة هدى !!!!

نحن أمة مات رجالها منذ زمن ونسيت من كانوا مثل هدى وستنسى للتفرغ لما هو أهم من هدى وأمثالها من الملتاعين

ولاحول ولا قوة الا بالله

جُحَا.كُمْ يقول...

العزيزة بيلا
معك حق لم يعد هناك رجال، هذا إذا نظرنا لمن هم في السلطة. أمّا تحتها فهناك شباب يعد بالانتقام وبغد أفضل، وزميلك الطارق أحدهم.
مع تحياتي
جُحَا.كُمْْ
-------

العزيز الطارق
كلامك ينعش القلب، خاصة بالنسبة لكهل متعَب مثل جُحَا.كُمْْ
مع تحياتي
جُحَا.كُمْْ

غير معرف يقول...

رمشت عيناها قليلا من حرقة الشمس فأغمضتهما.
لم تكن إغماضه كاملة.
فقط تلامست الرموش فتبدى لها طيفا من الألوان. آه ما ألذ القدوم للبحر .. ما أروع ضفائر الشمس الذهبية .... وما أحلى زرقة الماء......
وما أبدع صفرة الرمال......
وما أجمل تبدل الأمواج.
ألوان في كل مكان.
قالت جدتها لها `لا معنى للبحر دون امتزاج الألوان..أذهبي هناك لترسمي......فأنا أعلم عشقك للرسم ..`.
أما أخيها فقد قال `غداً سأشترى لك علبة أخرى من الألوان .`.. فتحت عيناها وتأملت ..تمايل الأجساد ... أصوات الأطفال ..رقرقة ضحكاتهم...انهماك الأمهات..... شرود الفتيات... وقفت وسارت نحو ما بدا لها كقطعة ورقة تشاكسها الرياح ...تعالى أيتها الورقة تعالي.....لن تكون بعد اليوم باهته ..سأمنحك الحياة ..سأعطيك كل ما يشتهيه قلبك الورقي من ألوان.... .تعالي......اقتربي... لا تخافي . ما أجمل الألوان .... سنرسم معا شمسا كبيرة .. تطارد المياه والأمواج اللاهثة وستحط بجسمها الضخم على صدر الرمال... ربما ستسخر رفيقاتي في المدرسة من الرسم ولكن لا يهم....... واصلت هدى اقترابها من الورقة التي أعياها الحراك.. أمسكت بها ..احتضنتها وغابت معها في لحظات من الحلم بالرسم و الألوان... فجأة .. دوى صفير قاتل .. أعقبه اهتزاز مريع ... اهتز كل شيء حولها .. تمزق البشر...تراجعت الشمس وأضطرب الموج ..واصفرت المياه.. تلاشى كل شيء ....اختفى كل شيء .... لا ألوان ..... فقط صرخة حزن ...ودماء. ..........
عفوا هدى
لا ألوان...
فكل ما لدينا باهت...
أشعارنا ..
أنوارنا ..
شمسنا ...
صدقنا ..
كذبنا ..
زعمائنا ..
كتابنا ...
كل ما لدينا باهت...
فمنذ قرون.. منذ قرون...
تم حجب اللون عن كل العيون...
............. عفوا هدى.. فمنذ قرون ...
ونحن ننسج بالأشعار أسمال الهزيمة... منذ قرون... لا نمارس خيرا أو رذيلة... منذ قرون ونحن في كهف نيام....
لا حربا نخوض... .
و لا نحن نحيي السلام ..
............ آه ... هدى لو كانت الأحجار لدينا...
لبادلناهم ...
غارة بغارة...
حزنا بحزن....
سطرا بسطر....
وعذابا .. بعذاب...
ولكنها ... أحجار لعينة ...
تعشق الأرض .....
إن اقتلعناها.. صارت ... في أيدينا ... تراب. ......... عفوا ... هدى
لا ألوان لدينا
..
عطية صالح الأوجلي كاتب من ليبيا

Lawgali1@hotmail1.com