هل المغاربة دنماركيون؟
سؤال غريب أو مضحك ربما.. لكن بإمكان المتتبع لقضية مجلة نيشان المغربية المتهمة بنشر ما يسيء للدين، أن يفهم القصد من صيغة السؤال.. ولأن جُحَا.كُمْ حريص على أمرين : الأول أن يصطاد كل ما يمكن أن ينشر بعض الابتسام بين زواره العرب الغارقين في البلاوي الشخصية والعامة، وثانيا أن ينتبه لما يمكن أن يكون إساءة واضحة ومقصودة لمشاعر روحية مقدسة لدى هذه الأمة أو تلك.. فإنه قرر أن يتفحص ويتمحص في ما نشرته هذه المجلة " النكت. كيفاش المغاربة كيضحكو على الدين والجنس والسياسة"، وبعد فك رموز بعض مفردات العامية المغربية المستعصية كانت النتيجة كالتالي: لم يجد جُحَا.كُمْ في التحقيق المنشور ما يمكن أن يعتبر إساءة للدين، لا من قريب ولا من بعيد، لا من فوق ولا من تحت، لا من اليمين ولا من الشمال.. كل ما في الأمر هو أن سناء العاجي كاتبة التحقيق، ليس فقط أنها لم تذكر أي نكتة لا حول الخالق و لاحول الرسول ولا حتى حول الملائكة أو الأبالسة.. وإنما تعرضت فقط في الفقرة الخاصة بالدين لمفهوم النكتة وعلاقتها بالمقدسات. وأوردت ما ذهب إليه أحمد الطيب العلج في هذا السياق مستشهدا بقول الرسول -رفهوا عن هذه النفوس فإنها تصدأ كما يصدأ الحديد- أو بالآية القرآنية: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم وإنما يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم .
من سورة البقرة 225
المشكلة لدى من أراد تفخيم هذه القضية هي في الخلط المتعمد بين الإساءة (عبر السخرية أو الاستهزاء) وبين النكتة كتعبير أدبي شعبي بامتياز، أبدع فيه من بين العرب: المصريون شرقا والمغاربة غربا.. وتكفي العودة إلى "رسالة الغفران" للمعري لكي يتضح المستوى الساخر الذي وصله المسلمون القدامى تجاه بعض المقدسات وكيف أنه يتجاوز في جرأته ما لم يصل إليه عرب اليوم بمن فيهم سناء العاجي.
ما أوردته الكاتبة حول النكتة في مجال الجنس، تجاوز ما تناولته في مجال الدين، ونفس الشيء بالنسبة للسياسة وهنا كان التناول الذي جاء تحت عنوان " السياسة: وعن الملوك، فلا تخجل" في منتهى الصراحة والجرأة ولعل هنا مربط الفرس، الذي انتبه إليه أيضا صديقنا المدون المغربي احجيوج.. ذلك أنه عندما وصل الأمر بالمس "بأقدس الأقداس" السياسية، تحركت السلطة السياسية والأمنية لكي تحرك – حتى ولو عن غير قصد- سواكن من ينتظر جبهة داخلية لكي يجر المجتمع المغربي لحالة دامية على الطريقة الجزائرية أو العراقية.. وكما قال احجيوج أن الدين بهذه الطريقة قد عاد ليكون "أفيون الشعوب" فإن جُحَا.كُمْ يرى أن ذلك يتجسد في من يسعى إلى تحويله إلى كرة مضرب بين من يقتلون باسمه من جهة وبين من يريدون في الظاهر منعهم عن ذلك من جهة أخرى..
كانت الرسوم الدنماركية مسيئة بالفعل لأنها كانت مغرضة سياسيا وعرقيا.. لكن تحقيق نيشان لا يمكن اعتباره كذلك.. وبما أن موقع نيشان قد تم حجبه، فإليكم هنا وصلة إليه عن طريق غوغل.. ولأن الوصول قد يستعصي على البعض، فها هو جُحَا.كُمْ يضع في ما يلي الجزء الخاص بالدين في هذا التحقيق، بين يدي زواره لكي يحكموا من تلقاء أنفسهم وبحرية وبشجاعة أخلاقية وبتروٍّ، على "جناية" هذا النص من عدمها.. وقبل ذلك أهيب بالمدونين خاصة ممن وقفوا إلى جانب الرسول ضد الرسوم، أن يمارسوا بأنفسهم عملية التقييم والتحكيم ولا يتركوا للرقيب السياسي الأمني احتكار هذا الأمر.. فأنتم من يهمكم الأمر أولا وبالذات وليس البوليس الأخلاقي أو السياسي الحامي لسلطات متعفنة..لقد بدأتم تصبحون قوة يُحسب لها حساب، فلا تتركوا الساحة لأعوان الأمن والمتعاونين مع السلطات المفعول بها شمالا وغربا.. مارسوا حريتكم ومن ثم سلطتكم المعنوية المؤثرة وجُحَا.كُمْ بانتظار ردود فعلكم..
جُحَا.كُمْ
---------
الدين: للمُضحك مفاتيح الجنة
يتحدث جون ديجون في تقديم مؤلف حسن نرايس سابق الذكر عن «التعرية وتفكيك ما هو جدي. الدفاع عن النفس في مواجهة القوي والمهيمن عن طريق الضحك والمكر والمزحة والنكتة». وليس هناك ما هو مهيمن في الثقافة المغربية أكثر من الدين، طابو النكتة بامتياز. في ثقافة تعتبر الدين أكبر المحظورات وأشد الممنوعات قدسية، تأتي النكتة لتكسر هذه الرمزية ولتجعل من الدين موضوعا للهزل. كل شيء يصير مقبولا وواردا في النكتة الدينية. في السابق، كانت هذه الأخيرة تتحدث عن الفقيه والطلبة لتفضح عيوبهما: ميولات جنسية ليست دائما طبيعية، جشع وطمع، مكر... لكن النكتة الدينية اليوم تطورت لتمس أكبر وأهم الرموز الدينية: الله والرسول. كما أن للملائكة وإبليس حضورهما الذي لا يستهان به داخل إطار النكتة الدينية.يقول أحمد الطيب العلج إن والدته التي كانت امرأة متدينة تحفظ القرآن والأمداح النبوية، «لم تكن تجد حرجا في تناول بعض المسائل الدقيقة بالنكتة. وهذا نوع من التحرر عمد إلى تداوله المغاربة فيما بينهم من خلال تبريرهم لذلك بمقولة: شوية لربي وشوية لقلبي».العلج يذهب أبعد من ذلك حيث يقول إن للتنكيت على الفقيه رمزية تتجاوز شخص الفقيه نفسه «الفقيه لم يكن مجرد أستاذ يعلم الحروف، بل مجازا، العالم الذي يعرف أدق الأشياء في الدين.» أي أن التفكه عليه هو تفكه على الرمزية الدينية في حد ذاتها. بمعنى أن عبارة «الفقيه اللي كنتسناو براكتو دخل للجامع ببلــغتو» لا تتوقف، حسب العلج، عند حدود البلغة التي يلبسها الفقيه داخل المسجد، بل تعني أن الفقيه تجاوز الحدود المتعارف عليها والواجب على فقيه احترامها. وتماما كما بالنسبة للنكتة التي تتطرق لموضوع الجنس، فإن حضور الدين في نكتة ما يجعلها لا تحكى إلا في إطار حميمي، مع أشخاص يعرفهم الراوي ويدرك تقبلهم لهذا النوع من النكت. في هذا الصدد يؤكد أحمد الطيب العلج أن «المغاربة يتقبلون كل أنواع النكت ما دامت تضحكهم، وحتى لو تجاوزت حدود اللياقة». حين يسخر المغاربة من المقدسات في نكتهم، يختتمونها عادة بعبارات من قبيل «الله يسمح لينا»، أو «الله يخزي الشيطان الحرامي» أو «اللسان ما فيه عظم». وقد يذهب البعض إلى أبعد من ذلك «مستشهدين بقول الرسول -رفهوا عن هذه النفوس فإنها تصدأ كما يصدأ الحديد- أو بالآية القرآنية )لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم وإنما يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم( البقرة 225». الكلام لأحمد الطيب العلج، وهو يعبر عن مدى قدرة البعض على تبرير رغبته في الضحك والتنكيت على المقدسات تبريرا دينيا، لأن الله لا يحاسب عباده على مجرد لغوهم ماداموا لا يؤمنون بما قالوا... يعني غير ضحكو مع راساتكم ولا خوف عليكم. قد تكتفي النكتة الدينية بوضع الممارسة الدينية موضع تساؤل، كما قد تذهب إلى أبعد من ذلك من خلال طرح أسئلة تتعلق بماهية الدين والله وجهنم والجنة. إنها تعبر عن تساؤل عميق ومكبوت عن المقدسات الدينية، في محاولة لسبر الغموض الديني وكل الأسئـلة العالقة فيه، والتي لا يعرف لها الفرد جوابا. للإسلاميين كذلك نصيبهم من النكت المتعــلقة بموضوع الديــن. فمنذ أحداث 16 ماي في الدار البيــضاء ونمو المد الإسـلامي في المــغرب، أصبح المغاربة يسخرون من الإسلاميين في نكتهم، ويصورونهم ككـائنات جبانة منافقة غير مرغوب فيها، تنجب مشاريع قنابل ومتفجــرات، تحرم كل شيء، لكنها لا تتوانى في تغيــير مواقفـــها خوفا أو دفاعا عن مصالحها. هذه الأحداث المأساوية ولدت لدى المغربي، الذي لا يقدر على مواجـهتها أو علاجها، الرغبة في الضحك منها.
من "نيشان"
هناك 5 تعليقات:
عندما تتداخل مصالح سياسية معينة فإن النخبة أو أصحاب الكراسي يتجهون من فورهم متخذين الدين كحجة للمجتمع يبررون فيه عنفهم وظلمم وديكتاتوريتهم .. وهنا يأتي دور المجتمع فإذا كان جاهلا وينساق بسرعة لدور الإعلام الموجه وينخدع بحلو الكلام للنظام فإن الأمور تجري في جهة واحدة أما لو كان المجتمع أكثر ثقافة وفهما ومصنا من توجهات الساسة واعلامهم فهنا الأمور ستختلف
وفي كلا الحالتين الدين مظلوم
وأنا أيضا مظلوم لأني أعلق على شيء أجهل كل خيوطه :)
لم اقرأ التحقيق ولكننى اثق فى تقديرك
تحياتى
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
هذه أول دخلت هذه المدونة ..
أولا شكرا على هذه المدونة الجميلة وشكرا أيضا على تطرقك للمجلة المغربية التي نشرت بعض ما أسمته نكت
إلا أنني حزنت كثيرا لكونك تطرقت لموضوعلم تعرف عنه شيئا وحكمت عليه بسهولة تامة
أو يبدو أنك دخلت موقع المجلة الرسمي واعتقدت أن ذلك هو كل شيء
لكن لا بأس إذا سمحتم بأن أمدكم بنسخت عن بعض ما نشر لعلك تضيف شيء أخر للمقال
http://img291.imageshack.us/img291/8161/nichanepi4.jpg
واسمح لي على لهجتي التهجمية شيئا ما لكوني لم يعجبني رأيك في ما نشر
للإشارة فأنا مغربي وليس لي أية علاقة بالبلوكات
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
هذه أول مرة أدخل لهذه المدونة ..
أولا شكرا على هذه المدونة الجميلة وشكرا أيضا على تطرقك للمجلة المغربية التي نشرت بعض ما أسمته نكت
إلا أنني حزنت كثيرا لكونك تطرقت لموضوع لم تعرف عنه شيئا وحكمت عليه بسهولة تامة
أو يبدو أنك دخلت موقع المجلة الرسمي واعتقدت أن ذلك هو كل شيء
لكن لا بأس إذا سمحتم بأن أمدكم بنسخة عن بعض ما نشر لعلك تضيف شيء أخر للمقال
إقرأ بعض النكت !!!
واسمح لي على لهجتي التهجمية شيئا ما لكوني لم يعجبني رأيك في ما نشر
للإشارة فأنا مغربي وليس لي أية علاقة بالبلوكات
تحية........في اطار الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها بالمغرب يوم 7 شتنبر ، دخلنا في حملة مقاطعة تحت عنوان مدونون مقاطعون و التفاصيل المدونتين :
http://a7rar.maktoobblog.com/
http://rafiq-adarb.maktoobblog.com/
تحية
إرسال تعليق