الوداع
انقضت مدة طويلة وطويلة جدًّا بين كتابة هذه التدوينة والتدوينة السابقة (وتخلّل ذلك أيضا توقُّف جُحَا.كُمْ عن زيارة أعزّائه المدونين). لم يكن ذلك مقصودا وإنما جاء نتيجة لأحد أسباب إنهاء هذه المدونة.
كانت تجربة مُضْنية ومُمْتعة، في آن واحد، لجُحَا.كُمْ الذي استنزف كلَّ ما ادَّخَرَهُ من طاقة على المتابعة والتعليق في مرحلة عربية وصلت من الاحتقان إلى حدّ بات يَصْعُبُ تحويلُه إلى مادة للسخرية البنّاءة من دون السقوط في ما يشبه الجَلْد المازوخي للذات.
كانت هذه المدونة فرصة لأن ينسجَ صاحبُها أروعَ ضفائر التواصل مع أروع المدونين من الأصدقاء الذين سأحاول عمّا قريب استعادة التواصل معهم بالزيارة والتعليق عما يُسطّرون من مواقف وكلمات كانت وستبقى بَلْسَمًا لكل من اكتوى بحرائق هذا العصر. وآمل أن يثابروا في مسعاهم وأن يكونوا قدوة لآخرين من أبناء هذه الأمة العظيمة والمكلومة، ممن سيلعبون الدور الذي طال انتظاره في إرساء تقاليد جديدة في مجال حرية التعبير والإبداع.
إذن، وبعد نحو سنتين من التدوين، سيختفي جُحَا.كُمْ ولكن سيبقى صاحبه معكم عبر زياراته لكم (كلما سنحت الفرصة لذلك) وأيضا عبر مرصد المدونين الذي مازال جُحَا.كُمْ متكفلا بتحديثه وفق المستطاع آملا في أن تستجيبوا لدعوة الصديق احجيوج في تقديم ترشحكم عسى أن يتمَّ اختيار مُدراء لهذا المرصد الذي هم منكم ولكم. وتكفي نظرة إلى قائمة المنتسبين لهذا المرصد لكي تلاحظوا الاتساع التدريجي لرقعة الانتساب. وآسف إن اضطر جُحَا.كُمْ إلى إيقاف هذا المرصد خلال الأسابيع القادمة إذا ما لم يستجب أحد منكم لاستلام مهمة إداراته التي من المفترض أن تكون متداولة بين المدونين.
أخيرا وقبل توديعكم، أضيف أن جُحَا.كُمْ سيبقى أيضا معكم لكن بغير هذا الاسم وليس عبر مدونة وإنما عبر موقع ويب غير شخصي مازال قيد الإنشاء وعنوانه الرهان الثقافي. الهدف من هذا الموقع هو أن يحتضن كل إبداع أدبي وفني من شأنه أن يقضّ مضجع الرقيب السياسي والإيديولوجي، الرسمي منه والمعارض، وأن يفتحَ أُفُقًا جديدا في مجال الإبداع. وباختصار أن يشكل رهانا على المستقبل الثقافي لهذه الأمة المهددة بالانقراض الحضاري.
لن يكون جُحَا.كُمْ في وسعه الرد على تعليقاتكم القادمة ولكن سيترك باب التعليقات مفتوحا لغاية إقفال هذه المدونة مع نهاية العام الجاري.
ختاما أشكر كل من عبَّرَ منكم عن أسفه لقرار جُحَا.كُمْ بالتوقف عن التدوين ولا أشك في أن التدوين، مثل الطبيعة، يكره الفراغ، والبركة فيكم وفي آخرين ممن لديهم نفس لوعة الأنين ولوثة التدوين، في أن يملؤوا أي فراغ طارئ.
ودمتم جميعا
جُحَا.كُمْ