2005-12-08

عن المحاكمة والقمة والانتخابات

ليس من السَّهل على جُحَا.كُمْ أو على أي مُتابِعٍ آخرَ، مُلاحقةُ كافَّة الأحداث العربية الراهنة، لِكَثْرتها، (وعلى فكرة: أكثرُها مِن نوْع اللاّحدث" بسبب عُقْم أصحابها)، ولكن من السَّهل الالتقاط من هذا الرُّكام العربي المُتساقطِ بعضَ المؤشرات أو المُفارقات وأحياناً الطرائف

صَدَّام حسين مازال في الحُكم
الجلساتُ الأخيرة في مُحاكمة صدّام ورِفَاقِهِ، أكَّدَت أنَّ صدام حسين بنظامهِ غيرِ المُنْهار تماماً، ما زال في السُّلطة، وليْسَ السبب فقط هو انسحاقُ القاضي الكُرْدي ولُيُونَتِهِ أمام الرئيس الأسير الذي ما فتِئَ يُؤَنِّبُهُ َويُوَجِّهُهُ كما كان يفعل مع وزرائه، بل أيضاً انسحاقُ القاضي أمامَ برزان التكريتي الذي أفْحَمَ في الجلسة السابقة "رفيقَهُ المُدّعي العام بِكَشْفِ هُويَّتِهِ الحِزبية البَعْثية، ثمّ واجَهَ في اليوم التالي مستشارَ القاضي بِعباراتٍ جارحة وتحْقيرية.. دون أن يَصْدُرَ لا عنِ المُدّعي العام أو عن القاضي أو عن المستشار المهان أي ردِّ فِعْلٍ مُناسب..وما يزيد في هذا الانطباع من كوْنِ سُلطةِ صدّام، بنظامِهِ المُخيف ما تزال تُخيف وبالتالي ما تزال قائمة، هو حينَ اضطر بعضُ الشُّهود إلى إخفاءِ هُوِيَّتِهِم والتَّحَدُثِ مِن وراءِ السِّتار خوفاً، لكن مِمّن إنْ لم يكُن من أنصارِ صدّام أي مِن صدّام حسين في آخر الأمر ماذا يعني كلُّ هذا؟ الجوابُ بسيط: لو كان الشعب العراقي هو الذي أطاح بالنظام السابق وليس جيْشاً أجْنبياً مُزَوَّدًا بِفِرَقِ الجُنود مع فِرْقة سياسية مُستوردة، لَكَان القاضي يَحْكُمُ باسم الشعب وَلَتَجَرَّأَ الشُّهود على مواجهَةِ جلاَّديهم جِهَارًا
صدام حسين الذي غاب عن الجلسة الأخيرة بعد أن كان يَتَصَدَّرُ رفاقََهُ في المحكمة ويتدخل من حينٍ لآخر لِكَي يُعَلِّقَ على هذا الأمر أو ذاك، ذكَّرني بالممثل المصري عادل إمام في مسرحية "مدرسة المشاغبين" وكيف كان يتصدر فيها مقاعدَ زُملائه مُعلقا من حين لآخر على أفعال سعيد صالح (مقابل برزان) أو يونس شلبي (مقابل طه ياسين رمضان).. أما المُدَرِّسَة سُهير البابلي فهي تشترك على الأقل مع القاضي العراقي بانتساب كليهما إلى بلادِ بابل ..

قِمَّة استثنائية بِتَأْتَأَة مَلَكِية
كان جُحَا.كُمْ لا تَهُمُّهُ قِمَمُ العُرْبِ لأنَّها وكما تعلمون قِممُ أقزامٍ تَرْقُصُ فوْق جُثَثٍ هامِدة لِضَحايا المعاركِ الخاسرة، فما بالُك بِقِمَمِ المُسلمين في مؤتمرهم الذي يُشبه نادي كَهَنَة يَؤُمُّهُ إلى جانِبِ الشُّيوخِ، عَسْكَرٌ وَوَرَثةُ حُكْمٍ وزَبانِيَةُ بِلاطٍ، ولكن أيضاً بعضُ الأعيانِ الدَّوليين وهُمُ قِلّة ضِمْنَ أكثريةٍ إسلامية عربية-إفريقية) بائسة، ومِنهُم قادةُ بلدان هي وحدها (وليس القمة استثنائية بديمقراطيتها وشجاعة قاداتها مثل ماليزيا واندونيسيا وباكستان وتركيا وحتى إيران المُضحك-المُبكي في هذه القمة التي دعا إليها مَلِكُ الرياض، هو تَرَؤُّسُها من طرف هذا الرجل الذي يُصِّر على أن يَبقِى أُمِّيًا (رُبّما اقتداءً بالرسول، ولكن شتَّانَ بين الثُّرى والثُّرَيا) وهو الذي ما انفك مُنذ تَصَدُّرِهِ للمشهد السعودي-الدولي يُتْحِفُنَا بمُداخلات (مُرْتَجَلَة أو مَقْروءة تَزخرُ بالتَّهَجِي والتأتأة. ما رأيُ هذا المَلِكِ المُتَحَدِّر مِن هِضَابِ نَجْد، في اللغة العربية التي ينطِقُ بها "آدم إيرلي" الناطق الرسمي باسم الخارجية الأمريكية أو العربية التي تنطق بها الناطقة باسم الخارجية الإسرائيلية؟ فيما عدَى لهجةُ هَذيْنِ الناطقين باسمِ خارجية بَلَدَيْهِمَا، تَبْدُو جُمَلُهُمَا مُفيدة جِدًّا لُغَوِيًا (وطَبْعًا غيرُ مُفيدة جدّا لَنَا سِيَاسيًا) في حين أنّ جميعُ جُمَلِ "جَلاَلَتِهِ لا تَقْوَى علَى الوُقوف مِن شِدَّة الفَأْفأة، وأبرز ما أتْحَفَنَا بهِ، ما قاله ذاتَ قِمّةٍ عربية صاخِبة حين ردَّ على كلامِ زميلِهِ الدّيك الليبي حاكم طرابلس، "معمر قذَّافُ الدَّم" (لقَبُهُ الأصلي قبْلَ أن يصبح القذافي) مُهَدِّدًا إِيَّاهُ بِشَيْءٍ أرادَهُ سَجْعًا فَقَالَ مِمَّا قَالَه: "الكِذْبْ أمامكْ والقبر قُدّامكْ "..
جُحَا.كُمْ يتساءَلُ: أيَّةُ مُصِيبة ابْتُلِينَا نحن الغلابى بها في هذا العصر البترولي الأسود. على ذكر هذهِ القمة وعلى هامِشِها (والقمة نفسُها هامشٌ) تقدَّمَ إلى باقةِ (يَحْمِلُ ميكروفون مِنْها، نجمةَ داوود السُّداسية تخيَّلُوا تغطيةً صحفية إسرائيلية في مكّة! والخبر من شاهد عيان)، قلتُ تقدَّم إليها "هُو..شِي..ارْ...زِيب..ارِي" (وهْيَ عبارة آرية غامضة ربما تعني وزير خارجية العراق) ليقولَ أنَّه جاء مع "فخَامَتِهِ جلال الدين طالباني"، طالبين من القمة الكثير الكثير وأنّه ينتظرُ بحماس ثلاثَ نتائجَ من هذه القمة ومن بينها "بيانُ مكة" الذي سَيَصْدُرُ عنها، والذي في رأْي جُحَا.كُمْ، لنْ يكونَ ذََا فائدةٍ تُذْْكَر لهُ على السّاحة العراقية التي تزخَرُ بِبَيَاناتِها الإسلامية الدَّامية، اللاَّهُم، وهذا ما أخشاهُ، أنْ يستفيدَ "زيب..اري" بهذهِ الورقة حين يَدْخُلُ دورةً من دورات مِياه المنطقة الخضراء أو منطقة الحُكْم المَحَلِّي شمالاً وأذكرُ من طرائف هذا "الزيب..آري" أنَّه صرَّحَ في أوَّل اجتماعٍ لوزراء خارجية الجامعة العربية في القاهرة كان قد دُعِيَ إليه على إثْرِ سقوط بغداد على يدِ المِارينْز، قائلاً أنّهُ يُوَافِق زملائَهُ العَرَب في رفْض فكرة تغيير الأنظمة من الخارج".!!. أليْس مُضْحِكاً هذا الاستبلاه من وزيرٍ جاء هو نفسُه إلى هذا المنصب بِفَضْل التَّدَخُّل الخارجي (ويا لهُ من تدخل!!)؟

انتخابات الأقصى
قد يكونُ ذلك هو الوصْفُ الأقربُ لانتخابات البرلمان المصري التي طغى فيها شعارُ "الإسلام هو الحل" من قِبَلِ "الإخوان" وأنصارِهم.. والتي عمَّت شارِعَهَا مُواجهاتٌ دامية أسَْفَرَتْ عن 8 قتْلَى ومئاتِ المُصابين.
وللحديث بقية

ليست هناك تعليقات: