2005-12-18

لماذا الإفرنج ؟

على مدى نصفِ قرن مَضَى، اتَّبعَ القادةُ العُرْبُ مَسْلَكًا وهْو ذَهابهُم للعلاج حين يَمْرَضُون إلى بلادِ الإفرنج. فَعَلَهَا في السنين الأخيرة المكْتوم ومُبارك والرَّاحل عرفات وأخيراً بوتفليقة. في البداية كان المُبرّر هو تَخلُّفُ العربِ عِلمياً وتَقْنياً في مجال العلاج. ولكن مع تَطَوُّر العرب في هذا المجال بقِيَ التقليدُ قائماً في العَلَنِ وفي السِّر. فَسَّرَ البعضُ ذلك بفِقدانِ ثِقَةِ القادةِ العرب ليسَ في إمكانيات أطبَّاءِ بُلْدانِهم فقطْ، بلْ وأيضاً فيما يُمكن أن يُحاكَ لهم من مكائدَ داخلية تطالُ أجسادَهُم.. استمرارُ القادة العرب في هذا المسْلك لا يُؤَشِّر إلى استمرار التخلف العربي في مجال الطب (مع استمرار هؤلاء القادة في السلطة) وَحَسْب، بل وأيضاً استمرارُ انعدامِ ثِقَةِ القادة في شُعوبهم النَّاجمِ أصْلاً عن انعدامِ ثِقَةِ شُعوبِهم فِيهُم.إلى ذلك فإنَّ اختيارَ هذا البلد الأجنبي أو ذاك للعلاج، يعودُ لروابطَ الثِّقة بين القائد العربي المريض وحكومةِ هذا البلد.. واختيارُ فرنسا من قِبل بوتفليقة الذي سبِقَ أن قيلَ عنهُ أنهَّ رجلُ أمريكا بامتياز، يدْحَض قليلاً هذا الرأي.. بل ويُعيد عقاربَ ساعة الاستقلال الجزائري المُكْلف بشرياً (مليون ونصف شهيد) إلى الوراء، حيْثُ يتبيَّن أنَّ فرنسا الأُم لا تزال تَرْعى جزائرِيهَا رعايةً فائقة وعلى أعْلى مستوىتأكيداتُ حاشيةِ بوتفليقة مِن كون الأخير لا يشكو من مَرَضٍ خطيرٍ وأنَّهُ تماثلَ سريعاً للشفاء، إنمَّا تدفَعُنَا للتساؤل التالي: لماذا العلاجُ في فرنسا إذن، ما دامَ الأمرُ ليْس بتلك الخُطورة، أم أنَّ مَعِدَةَ الرئيس لا تتحمَّل أيادٍ ومُعِدَّات جزائرية، بَيْنما مَعِدَاتُ مَعْشَرِ الجزائريينقال لي أحدُ الجزائريين ذاتَ مَرَّةً أنَّكَ لا تجدُ جزائرياً إلاَّ وهْو مُصابٌ بالقُرْحة (مَرَضُ بوتفليقة) من فَرْطِ المعاناة السياسية الطويلة.. فَلِتَسْتَعِدَّ فرنسا إذن لاستقبال الملايين من الجزائريين لعلاجهم على أرضِها إذا كانت فِعْلاً أُمًّا حَنُوناً على جميعِ أبنائِها..مازالَ الكيانُ العربي هزيلاً ، جسداً وروحاً.. وَمَنْ لَدَيْهِ مِنْكم مُقَوِّيَات، فَلِيُخْبِر جُحَا.كُمْ بِهَا حتَّى يُسَاهِمَ مَعَكُم في تَوْزيعها علَى الأضْعَفِ مِنَّا وَأَوَّلُهُم ذَوُو الأَمْرِ مِنَّا..

ليست هناك تعليقات: